
حقيقة الانسحاب الأمريكي.. هل تدخل العراق في دوامة جديدة؟
بغداد - العالم الجديد
مع بدء العد التنازلي لموعد الانسحاب الأمريكي من العراق والمقرر في نهاية العام الحالي، هدد فصيل مسلح باستهداف كافة المصالح الأمريكية في حال عدم تحقق الانسحاب، فيما عد حزب كردي هذه التهديدات "انفلاتا"، وسببا للتأثير على سمعة العراق.
ويقول القيادي في حركة عصائب أهل الحق سعد السعدي خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "الإدارة الأمريكية غير جادة في الانسحاب من العراق، وننتظر نهاية الشهر الحالي وسيكون رد المقاومة عنيفا".
ويضيف السعدي، أن "فصائل المقاومة ستذهب إلى استهداف كل المصالح الأمريكية من قواعد وثكنات وأرتال على أرض العراق في حال عدم انسحابها".
ويوم 25 تموز يوليو الماضي، وصل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الى العاصمة الأمريكية واشنطن، والتقى في اليوم التالي الرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك بالتزامن مع مفاوضات الجولة الرابعة والأخيرة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، التي كان ملف انسحاب القوات الأمريكية القتالية من العراق في مقدمتها، وبحسب البيان الختامي، فانه لن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أمريكية في العراق بحلول 31 كانون الأول ديسمبر المقبل.
وفي 7 آب أغسطس الماضي، أعلنت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، انسحاب قواتOTH التابعة لها من العراق إلى قواعدها الأصلية في الكويت، وتتكون هذه القوة من طائرتي هليكوبتر من طرازCH-47 من طرازChinook وسرية مشاة تكون في وضع الاستعداد لمدة 24 ساعة لتتحول الى عجلات في غضون مهلة قصيرة هدفها إكمال المهام.
فيما أعلنت خلية الإعلام الأمني يوم أمس السبت، أن اللجنة الفنية العسكرية العراقية أجرت زيارة لقاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، ضمن إجراءات الانسحاب الأمريكي، تضمنت جولة ميدانية على المناطق التي كانت تشغلها قوات التحالف الدولي، واطلعت على بعض النماذج من الآليات والأجهزة الفنية التي بدأت قوات التحالف الدولي بتسليمها الى الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وقيادة قوات شرطة حرس الحدود.
وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية فرانك ماكنزي، أعلن في 10 كانون الأول ديسمبر الحالي، أن بلاده ستبقي قواتها الحالية البالغ عددها 2500 جندي في العراق، مبينا أن تصعيد العنف من قبل المليشيات المدعومة من إيران على القوات الأمريكية والعراقية قد يستمر خلال الشهر الحالي.
وأشار ماكنزي في تصريحه أيضا، إلى "انسحاب القوات الأمريكية من القواعد التي لم نكن بحاجة إليها، وجعلنا الوصول إلينا صعبا".
الموقف الكردي
ويبين القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "هذا الكلام والتهديدات هو دليل على انفلات سياسي واضح جدا، خاصة بعد نتائج الانتخابات، حيث أن الفصائل لم يبق لها شيء، لا وزن سياسي ولا وزن عسكري ولا حتى اهتمام دولي، وحتى من كان يقودهم ويقدم لهم الدعم سياسيا وعسكريا، أصبح ذلك الدعم باهتا جدا، وهناك إعادة لترتيب هذه القطع وفق أسس جديدة".
ويؤكد أن "الدولة التي تقدم الدعم هي إيران، والتي تتقارب مع الولايات المتحدة للخروج بأقل عدد من الخسائر في مباحثات الملف النووي، ولذلك فإن مسألة استهداف القوات الأمريكية سوف تؤدي إلى ضرب الوضع الأمني في العراق، فوجود هذا الانتشار الأمريكي هو بموافقة الحكومة العراقية، بالتالي هو انتهاك للسيادة الدولية والاتفاقات الدولية".
ويشير إلى أن "تدخل طرف لا يحمل صفة قانونية مثل الفصائل، في هكذا أمور سيؤثر على سمعة العراق سياسيا وأمنيا، كما أنه سيؤثر على الوضع العراقي وسوف يبين مدى ضعف العملية السياسية".
يشار إلى أن اقليم كردستان، وعبر بيانات رسمية لرئيسه وحكومته، شدد على ضرورة وجود التحالف الدولي في العراق وسرعة التنسيق المشترك معه، وذلك بعد الهجمات العنيفة التي تعرضت لها قوات البيشمركة خلال الشهر الماضي.
يذكر أن منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض بريت مكغورك، أكد لرئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني استمرار دعم الولايات المتحدة الأميركية للإقليم، وذلك خلال لقاء جمعهما في أربيل يوم 13 كانون الاول ديسمبر الحالي.
وكانت حكومة إقليم، سبق وأن أعلنت عن موقفها من الانسحاب الأمريكي، في تموز يوليو الماضي، قائلة في حينها أنها ليست مع انسحاب القوات الأمريكية والتحالف الدولي من العراق، وحذرت من تكرار سيناريوهات كارثية سابقة عاشتها البلاد ومازالت تعيش تداعياتها حتى الآن.
الموقف الأمني
ويبين الخبير الأمني صفاء الاعسم خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "ما هو موجود داخل السفارة الأمريكية سوف يبقى كما هو، حيث أن هناك فرق حماية مخصصة للسفارة، إضافة إلى القواعد الأمريكية الثابتة في العراق، وهي قاعدتا حرير في أربيل وعين الأسد في الأنبار، والتي لا تحتوي على قوات عراقية، فالقاعدة الأمريكية من الممكن أن تكون فيها غرف لعمليات مشتركة فقط".
ويشير الأعسم، إلى أنه "لا توجد جهة تعرف عدد القوات الأمريكية داخل العراق وداخل القواعد تحديدا، ولهذا تحدث عمليات دخول وخروج وحتى الطائرات التي تكون داخل القواعد غير مسيطر عليها، فمن الممكن أن يتم الانسحاب وتكون هناك عودة في اليوم التالي والعكس صحيح".
ويتابع أن "هذا موضوع مبهم يحتاج إلى مفاوضات سياسية كثيرة، فهي ليست عملية انسحاب تبدأ بخطوة وتنتهي بوقت محدد"، مشددا على أن "الانسحاب الأمريكي لن يتم في 31 من كانون الأول ديسمبر الحالي، بحيث يخلو العراق من القوات الأمريكية، فهذا لن يتحقق، إضافة إلى أن القوات الأمريكية تركت بصمات تنص على أنه يجب أن يكون هناك مدربون ومستشارون وخبراء، وهذا الموضوع يحتوي على حمايات ومرافقين وفريق كامل، فالموضوع ليس بهذه السهولة التي يتخيلها البعض".
ويستطرد "لا توجد مؤشرات بشأن فتح منظومة الباتريوت، استعدادا للانسحاب إلا إذا كانت منظومة باتريوت موجودة في القواعد المشتركة والمسيطر عليها من قبل المؤسسة العسكرية العراقية، أما إذا كان غير مسيطر عليها فالموضوع هو مجرد كلام ولم يتم التوصل إلى نتائج، كما أن عملية الانسحاب تحتاج إلى وقت طويل وعقد لقاءات كثيرة واتفاقيات، إضافة إلى حركات النقل وتعداد المقاتلين وتسليم المواقع عند خلوها من القوات الأجنبية سواء كانت قوات أمريكية أو غير أمريكية".
ولا زال تنظيم داعش يشن هجمات عديدة تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، وخاصة في كركوك التي باتت تشهد هجمات شبه يومية، يذهب ضحيتها عشرات المنتسبين الأمنيين، فضلا عن صلاح الدين وديالى وأطراف العاصمة بغداد.