رأي
مع إقتراب موعد إجراء إنتخابات مجالس المحافظات لعام ٢٠٢٣، ولكي يسهل على الجمهور الناخب فهم صورة الواقع الإنتخابي الجديد القديم بتحديثاته وتأويلاته، سنحاول تسليط الضوء على ما تقوم به الأحزاب والتحالفات من تقسيم وتصنيف لمرشحي إنتخابات مجالس المحافظات الى نوعين من المرشحين، وهما: مرشحي المقدمة ومرشحي التكملة.
كما تعلمون إنَّ آخر إنتخابات لمجلس النواب العراقي التي جرت عام 2021 كانت مختلفة عن سابقاتها لإعتمادها الدوائر المتعددة داخل المحافظة الواحدة وإحتساب الفوز فيها على أساس أعلى الأصوات، لكن للأسف هذا الأمر لم يعد ممكنًا نظرًا للتعديل الجديد الذي لحق بقانون الانتخابات أخيرًا، وعادت من جديد نتائج الانتخابات تتأثر بهيمنة أحزاب السلطة عبّر آلية الدائرة الواحدة وسانت ليغو وتقسيماته.
بعد العودة الى (سانت ليغو )عادت الأحزاب والتحالفات السياسية من جديد إلى إتباع إستراتيجية (مرشح المقدمة ومرشح التكملة)، ألتي تنص على جذب أكبر قدر ممكن من مرشحي (التكملة) لتدعم بهم مرشحي المقدمة المتوقع فوزهم. بتعبير آخر، وضعت هذه الأحزاب والتحالفات على رأس قوائمها الإنتخابية قلة من المرشحين المميزين تريد لهم الفوز، والذين يمكن لنا أن نسميهم أو نصفهم بمرشحي (المقدمة)، وفوزهم لا يتحقق إلا بوجود عدد مضاعف لعدة مرات من مرشحين ضعفاء ومتواضعين، حجمهم وتمثيلهم الشعبي محدود، فوزهم صعب المنال، لكن أهميتهم تكمن في زيادة أصوات القائمة في المجمل لعبور القاسم الإنتخابي، وهنا يمكن لنا أن نسميهم بمرشحي (التكملة)، الذين تكتمل بعددهم الأكبر القائمة الانتخابية.
الغرض من هذا العدد الكبير من مرشحي التكملة هو زيادة أصوات القائمة الانتخابية للحزب أو التحالف لكي يتحقق القاسم الإنتخابي أو العتبة الإنتخابية التي يشترط الوصول اليها تحقيق عدد كبير من الأصوات، يُمَكّن القائمة من عبور العتبة، وهذا بالمحصلة يصب في سلة مرشحي المقدمة، وعندها يأتي دور مقياس (سانت ليغو) سيءالصيت في العراق فقط، لتقسيم جميع أصوات القائمة على 7.1،7.3،7.5،7.7 مرة ومرتيتن وأكثر حسب حجم الأصوات العابرة للعتبة الإنتخابية .
هذه الشرح المبسط للآلية المتبعة من قبل قانون الانتخابات بنسخته المعدلة الأخيرة، يضاف له أستراتيجيات الأحزاب والتحالفات المتبعة في كسب الأصوات، يقودنا الى عدة تساؤلات مهمة تتعلق بجمهور الناخبين الذين ربما يلتبس عليهم الأمر، ما لم يتفقهوا ويكونوا على دراية بما تخطط وتعمل عليه الأحزاب السياسية من خطط وبرامج تضلل فيها الناخبين وتقودهم دون شعور منهم إلى تنفيذ أهداف مرسومة، وهذه الأحزاب أصبحت ذات خبرة واسعة في الإستفادة من فقرات قانون الإنتخابات المعدل بكل تفاصيله لمصلحتها .
قبل طرح التساؤلات علينا أن نفهم نوعية الجمهور الناخب الذي تستهدفه الأحزاب والتحالفات، وهم كالآتي:
1- جمهور ناخب ممنهج ومنظم من قبل الحزب الذي ينتمي إليه، وهؤلاء رغم إنهم يشكلون نسبة محدودة من مجموع الناخبين العراقيين إلّا أنهم غالباً ما يكونوا جمهور حاسم وبيضة القبان لفوز مرشحي المقدمة في قوائم أحزابهم وتحالفاتهم.
2- الجمهور القابض، هذا الجمهور لا يهمه المرشح من أية جهةٍ كان، وما هي خلفيته وثقافته وعلميته وخبرته، ما يهمه بالدرجة الأولى المال المدفوع لصوته وأصوات عائلته، وهم يعتبرون أيضاً جمهور حاسم لمرشحي المقدمة وربما في حالات محدودة لجمهور التكملة.
3- جمهور العشائر والأقارب والمناطق والطوائف والأديان، وهذا الجمهور يشكل تواجده وحضوره فرصة كبيرة لفوز مرشحي المقدمة لكنه لا يصمد في كل الأحيان نظراً لتواجد أكثر من مرشح من العشيرة و الدين و الطائفة و المنطقة الواحدة .
4-الجمهور الصامت وهم جمهور الأغلبية، الذين يرفضون الحضور والمشاركة في كل دورة إنتخابية لعدم قناعتهم الكلية بالعملية الديمقراطية.
5- الجمهور المتأرجح والمُضلل بالدعاية الحزبية، وهؤلاء يحتاجون من يقرب لهم الحقيقة ويزيح الغشاوة من أعينهم.
6-الجمهور المتردد والذي لم يحسم أمره، وهم موجودون بنسب معينة ، تشتغل عليهم الأحزاب الذكية لكسبهم.
التساؤلات المهمة:
السؤال الأول: أيها الناخب هل تستطيع أن تميز بين مرشحي المقدمة ومرشحي التكملة؟
الجواب: التمييز بين الفئتيين لا يحتاج إلى دراسات معمقة، مرشحي المقدمة يتصفون بالآتي:
مرشحين سابقيين
نواب برلمان ومجالس محافظات سابقين
مسؤلين حاليين
أقرباءلأعضاء مجلس نواب
محافظين حاليين
تسلسلاتهم غالبًا ما تكون في مقدمة القائمة، من ( 1-10) وربما أكثر بأرقام عشرية مثل 20 -30- وأرقام مكررة مثل 11،22،33ألخ.
أما مرشحوا التكملة يتصفون بالدرجة الأولى بالآتي:
مرشحوا التسقيط الذين تزج بهم الأحزاب للتأثير على مرشحين منافسين من أحزاب أو تحالفات أخرى.
مرشحات الكوتا النسوية.
وجوه جديدة او مرشحون إستلطفوا تكرار المشاركة من أجل المال أو الشهرة،
تسلسلاتهم في القائمة عادةً ما يكون في ذيل القائمة أو ارقام تتكون من رقمين أحدهما فردي والآخر زوجي مثل 13،17،23، 27.
السؤال الثاني: هل تعلم كيف يفوز مرشح المقدمة بأصوات مرشح التكملة ؟
الجواب: مرشح المقدمة يفوز بصوتك الذي تمنحه لمرشح تكملة انتخبته أنت لأنه من أقاربك أو خجلاً أو إعتباراً لفلان، هذا الصوت بالمحصلة سيُجمع مع بقية أصوات القائمة ليحقق القاسم الإنتخابي ليفوز أعلى القائمة من المرشحين مهما كان عدد اصواته، أو ربما تفوز به كوتا نسوية لم تتحصل إلّا على عشرات أو مئات الأصوات.
السؤال الثالث: هل أنت من النوع الذي يعطي صوته لإرضاء فلان أو قريب دون النظر الى المصلحة العامة؟
الجواب : إذا كنت من هذا النوع فإنك واقع ضمن فئة المضللين التي تمارس الأحزاب التضليل ضدها لتطويعها وحصد أصواتهاعبّر مرشحي التكملة.
نختم بأهم ما يمكن قوله وإختصاره في هذا المقال للناخب من أجل تصويب خطواته وتمكينه من التفريق بين مرشحي المقدمة ومرشحي التكملة وما بينهما.
إذا أردت أن لا يضيع صوتك، إبتعد عن مرشحي التكملة الذين أوضحنا مواصفاتهم، مهما كان قربهم منك، وكن حراً شجاعًا وأذهب الى مرشح مقدمة أو مرشح خارج تصنيفنا للمرشجين تقتنع به ويمثلك خير تمثيل وتجده قريبًا من الفوز، وهذا لا يعني إن جميع مرشحي المقدمة جيدون وطاهرون، لكن أبحث عن أفضلهم الذي يمكن أن تجد فيه الأمل في الفوز، في هذه الحالة لن يسلبك أحد صوتك وسوف تبتعد عن دائرة المضللين. وحاول أن توازن في أختيارك وتجمع كل النقاط المتوفره التي تجعل أحقية المرشح بالفوز متيسرة، الإقتناع بالمرشح وحده لا يكفي، يجب أن يكون مع الإقتناع إرتفاع فرصة الفوز للمرشح.
ولا تتعجل بمنح صوتك إذا كنت غير واثق من المرشحين وأعطي لإختيارك مزيد من الوقت، وأنتظر حتى تنكشف جميع أوراق المرشحين لتختار المرشح المناسب.